houcine
عدد المساهمات : 721 نقاط : 134140 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 14/12/2009
| موضوع: قصة قصيرة : (عظام ) الخميس فبراير 17, 2011 3:31 pm | |
| خاص ينابيع تربوية
عظام في عراء فسيح ، بأطراف البلدة المترامية وبالجانب الشمالي منها، وعلى مسافة تقارب المترين تحت تراب هذه البقعة .
كانت عظامي قد استقرت في حفرتها ، وقد استطاع الرماد الذي يعلوها اتقاء حرارة الشمس بهذا البعد بقعر من الأرض .
وبعد فترة من إنزال جسدي ، واستوائه في المثوى الممهد بترابه الرطب .
كانت الأوصال تحكي غربتها ، ولم تدرك حقيقة المسافة بينها وبين سقف القبر : لابد وأن بيني وبين أعلى كومة التراب مسافة شاسعة . مسافة من الردم ، الذي يعلو هذه العظام ، ليفصلها عن الحياة الأولى .
وبـُعد المكان .
قلّبت عظامي النظر والفكر ، كان الرعب القادم من الجانب الخلفي للقبر ؛ ما هذا !! عظام مكومة بالجانب الأيسر ، كثيرة الأوصال ، بحركة تخلع قلوب الأحياء .
مع ذلك المنظر الهياب ، يقصدني صوتها بتحية ضيف جديد .
لم تستطع عظامي إلا التوقف لذلك الملتقى الصعب لتحين الخبر .
لو كانت لدي دماء لتجمدت ، ولو كانت لي حركة أنفاس لتوقفت ، منظر يـقطع أسباب الكلام .
ترى لمن هذه العظام ؟ أكانت لأغنياء أم فقراء ؟ بل ربما لرئيس أو وزير ، أو ملك أو أمير .
أو قوي أو ضعيف .
لمتكبر أو متواضع .
ظالم أم مظلوم .
ترى هل يعرفونني ، أم لا ؟ .
إن فيها أوجها سودا ، وبيضاً .
وفيها أرجل عليلة سقيمة ، وأرجل صحيحة مستقيمة .
وكانت أمامي ذراع قد تمددت على التراب مع انفراج الأصابع .
الموت لا يقبل التفاوت .
لا .
لا .
الأمر هنا مختلف .
حاولت عظام الأصابع لم الركبتين حتى تمنع اهتزازهما تحسباً لهول الموقف وما يحمل في طياته من خوف أو رعب .
فكلما استجمعت عظامي بعض قوتها تسمع همهمات ، وتمتمات حولي من كل جانب تأخذ اللب من فرط الرعب .
حاولت عظام راقدة قريبة من الشمال من ذراعي أن تأخذ مكاناً قريباً مني بمحاولات بائسة ، يائسة للانضمام للموكب القريب ، لكنها ظهرت في صورة هزيلة ، ضعيفة القياد في حركتها .
نظرت عظامي شفقة : ترى ما سبب هذا الضعف هنا ؟ لربما للتعب !! .
ما هذه الحركات الغريبة أهي للترحيب ، أم هو شعور خاص بي لغربتي بينهم ؟ عاشت عظامي لحظات الوحشة ، حتى تفهم ما يدور : أتعيش العظام هنا ما يعانيه أهل الدنيا من ضيق ؟ لماذا ينتابني هذا الشعور ؟ لقد انسل اللحم الكاسي للعظم فظهر الكثير في كومة صغيرة برُكن لا يتعدى الشبر .
آه لقد اختفى الشعور بضيق المكان .
قطعت خواطر عظامي صوت جمجمة تربطها أحزمة رفيعة بهيكل مستقر قرب يميني ، خرج صوتها من بين الأكوام المترامية ، وكأنها لمحت ما لدي من خواطر عبرت بها حركات هيكلي بعظامه الواقفة عن الحركة .
: لا تعجب من ترحابنا .
فنحن نعلم أنك في مقام غير هذا تستقر فيه . التفتت عظامي سائلة : وأين مكاني ؟ ردت : مع الشهداء .
| |
|